قصةُ كوكب ، هذه القصة ، أكتبها بقلمي و محورها الأول و الأخير لا يتعدى محيط كوكبنا الأزرق ، كوكب الأرض .
هذا الكوكب الرائع ، هذا الكوكب الذي أوجده بديع خالقنا الله سبحانه تعالى ، ليجمع الحياة فيه ، من بشر و حيوانات و غيرهم ،كوكب يعج بالحياة ، جماله لا يكاد أن يوصف ، بل إنه يعجز الأيادي عن تسطير تفاصيله في الكتب .
زواياه دقيقة جداً ، تحركاته مدروسة بحق ، تنبئك بأن هناك رب عظـيم أوجده لنا لنعيش فيه و نتمتع بخيراته ،مخلوقات رائعة الجمال ، و مهداه إلى سبل عيشها كما يليق بخلقها الذي خلقت من أجله .
هذا الكوكب ، كان يوماً ما ، خالياً من الحياة تماماً ، بل كان كوكب متطاير و متشتت في شظايا متعددة من نيازك متفرقة ( أو هكذا إعتقدنا ) و مع مرور السنين ، بدأت تلك الشظايا تتجمع و تتكون على هيئة كتلة متوحدة .
بالطبع كان كوكبنا الجميل في السابق عبارة عن براكين و زلازل مستمرة الوقوع ، لا تهدأ أبداً ،دائمة الهيجان ، لا تعرف للهدوء و السكينة طريق ، الأرض لا يمكن أن تكون أرضاً ، بل كانت مهلكاً واضحاً نظراً لإنعدام أسباب الحياة فيها ، و ظلت هكذا لملايين السنين ،و في ظل مرور هذه الفترات ، بدأ المناخ يتغير شيئاً فشيئاً ، و بدأ تظهر معالم كوكبنا ..
نظرية ظهور الحياة غير مؤكدة ، فهناك من يقول إن الحياة ظهرت لأول مرة على شكل فطريات دقيقة .فهي كانت أولى معالم الحياة ، و بالطبع الكلام غير مؤكد تماماً بدأت الحياة تدب فيها شيئاً فشيئاً . و تتشكل أكثر فأكثر … لتكون الساحات الخضراء ، و الجبال العالية الشاهقة ، و القارة الكبرى و التي تدعى بأم القارات أوراسيا ، إنشقت تلك القارات نتيجة حدوث الزلازل و البراكين الفائضة من أسفل القشرة الأرضية ، و التي كانت في حركة مستمرة آنذاك ، و مع إستمرار الحركة للقشرة الأرضية ، و إستمرار التشقق لهذه القارة الأم .ظهر الإنسان منذ حوالي 200 ألف سنة فقط ، كانت الأرض قد أخذت شكلها الحالي ، في العصر الثلاثي .
ظهر هذا المخلوق ، و الذي يدعى بالبشر ، ليعيش مثل المخلوقات الحية الأخرى ، إلا أن الله أوهبه أمراً لم يكن لدى غيره من المخلوقات ، و هو العقل ، فأصبح يفكر و يفكر ، فسكن الكهوف في البداية ، و سخر النار لأجله من التدفئة بها و الطهي عليها ، و جعل من الأدوات العادية أسلحة لقتل الفرائس ، من أجل العيش …
هذا الإنسان الأعجوبة في تلك المخلوقات ، هذا المخلوق الغريب ، من أين أتى يا ترى ؟!
و مع مرور القرون و تعاقب الأجيال ، بدأ الإنسان يتعدى المخلوقات الحية بمراحل ، من حيث العلم و التطور ،فجعل من الحيوان كالقافلة يمتطي به ، و إن شاء ، جعلها تحمل عتاده ، و جعلها أيضاً تزرع مزارعهم الأولية و إن شاء أيضاً إستفاد من فروها أو لحمها ، أو حتى جلدها ، بمعنى آخر ، أنه سخر ما حوله لأجله .
كان كوكبنا الجميل قد تشكل في تلك الفترة ، يعيشون في توازن عجيب ، لا أحد يُبخس في معيشته على الأخر الأنهار تجري ، و تعود مرةً أخرى ، السحب تسير كما يجب لها أن تكون ، و ما زالت ، البراكين تتفجر ، و تدمر ما حولها ، و تسخر الأرض التي تحتها للعيش فيها مرةً أخرى ، نظراً لخصوبة التربة فيها ،الشلالات الرائعة الجمال ، تنصب لوحدها ، لا أحد يتحكم بها ، المياه ، تجري لتصل إلى مخلوق يحتاجُ إلى الماء ، و كأنها ما ولدت إلا لهذا الشأن ، و هو البحث عن مخلوق ظمئ ، لكي تشبع فاه و لــكـن …
أتى الإنسان ، هذا المخلوق الذي كان ظاهرة زمانه من المخلوقات ، نعم .. لقد إكتشف شيئاً عجيباً أوتعلمون ما هو هذا الشيء ؟
إنه ذاك الشيء الذي لم يغير طريقة المخلوق للعيش فقط ..إنه الذي غير مجرى الحياة بأكملها على سطح الأرض ، في الحقيقة ، بدأ بالفعل بتغييرها .إنه ذاك الشيء الذي يظن الغالبية من البشر الحمقى أنه منقذ البشر و أنه السبيل للرخاء و العيش بكرامه .
ما هو هذا الشيء الذي يجعل الإنسان يعيش بكرامه ، و ينقذ البشر ، هل كانوا بحاجة إلى الإنقاذ أصلاً ؟!!
إنه النفط ، أو كما يلقب ، بالذهب الأسود ، إن سواده المعتم وحده كفيل بجعلك تشك في أمره !!
بدايته أمرٌ رائع و مذهل فتح السبل كلها أمام البشر ، بل إنه بعد هذا لم يعد هناك ما يسمى بالمستحيل أبداً فلم يتوقف الأمر على حدود كوكبنا ، بل تعدى هذا ووصل إلى الفضاء ليصل إلى تلك الكواكب بعيدة المدى..
حتى خارج المحيط لم يسلم منه ، فنفايات تلك المراكب المخترقة للجو في الفضاء ما زالت تقبع هناك .
و أما عن كوكبنا الجميل ، فساده السواد العظيم في أيما بقعة تجد فيها هذا ” الذهب الأسود ” قد وصلها ،و أحرقنا الغابات الخضراء التي كانت مصدر العيش و الاسترزاق لمعظم الكائنات الحية -من ضمنها الإنسان- قبل أن يستغني ” بذاته ” بواسطة ذاك الذهب الأسود ..
فلم يتعدى الأمر على الإنسان فقط ، بل هدد الأرض الذي يعيش عليها المخلوقات الحية ، و التي مكثت ملايين السنين لكي تتشكل .. و ها أنت تدمر مواردها و مصادرها تحت مسمى رفاهية الإنسان .. لقد اهتممنا بالمكملات و تركنا الأساسيات ، نعم ، انشغلنا بالمكمّلات للرفاهية في معيشتنا .و تشكل إثر هذا هذه الموجة السالبة ، لتدمير كوكبنا شيئاً فشيئاً ، إننا هالكون حتماً منذ أن أصبحنا خدماً لذاك الذهب الأسود .إن من شأننا أيضاً أن هددنا حياة الكائنات كلها ، على سطح هذا الكوكب الرائع .فأي سبيلٍ نبتغيه من وراء هذا كلِّه ، و أي رخاء يكون بعد هذا .أختم ما أكتب ، و أغلق قلمي بـه ، بأن ما حدث قد حدث ، و ما سيحدث هو من سيحدد الحدث اللاحق ، فلنتعقل ولو قليلاً بالعقل الذي يميزنا ، و نرى بقلوبنا لا بأنفسنا الجشعة الطامعة
إن الأجيال القادمة هي من ستدفع الثمن حتماً ، فيا ترى ماذا نحـن فــاعـلون؟!!
أترككم مع هذا الفيلم ( فيلم الأرض ) من تصميمي الشخصي ، الفيلم حصد جائزة WD و لله الحمد و المنّة ، فآمل بحق أن يلهمكم ، و أن تستمتعوا أيضاً بـه :
___________________________________________________
المصادر :
1- فيلم ( Home ) الوثائقي بنسخته العربية ، 2
الكاتب: رائد الدوسري