فى الوقت الذى تواصلت فيه المعارك صباح الأحد بين الثوار الليبيين وقوات الزعيم معمر القذافى بدعم رجال قبليين مسلحين فى مدينة مصراتة شرق طرابلس، بعد ساعات من إعلان الحكومة الليبية تعليق العمليات العسكرية فى المدينة - حذرت صحف أمريكية من حرب أمريكية ثالثة فى ليبيا على خلفية المعارك التى يسودها الجمود الميدانى وعدم قدرة المعارضة أو الجيش الحكومى على الحسم.
وسجلت مصراتة الأحد أسوأ حصيلة خلال 65 يوما من المعارك، بسقوط 28 قتيلا ونحو 100جريح. وأفاد بعض الثوار فى المدينة بأنهم رأوا رجال قبائل مسلحين يقاتلون الثوار، بعد أن هدد نظام القذافى باللجوء للقبائل الموالية له لحسم الأمر فى المدينة، وأوضحوا أن هؤلاء الذين يقاتلون فى المدينة هم من قبائل جنوبية.
وقال نائب وزير الخارجية الليبى خالد الكعيم إن قوات النظام لم تغادر مصراتة ولم تفك حصارها عنها، لكنها علقت عملياتها ضد الثوار للسماح للقبائل بإيجاد حل سلمى خلال 48 ساعة، وأضاف أن هذه المعركة «ستحل سلميا وليس عسكريا».
من جانبه، أكد أحمد الليبى، المتحدث باسم المعارضة المسلحة، سيطرة الثوار على معظم أرجاء مصراتة بعد انسحاب غالبية قوات القذافى من بعض أحياء المدينة. وأضاف أن الثوار أسروا العشرات وقتلوا أكثر من 100 من الكتائب الحكومية، ثم قاموا برفع العلم الملكى على المدينة. وكان المتحدث باسم المجلس الوطنى الانتقالى الليبى مصطفى غريانى قد شكك فى صحة تصريحات الحكومة الليبية بأن قواتها ستنسحب بشكل كامل من مصراتة.
وفى محاولة للتوصل إلى مخرج من الأزمة قالت وكالة الأنباء اليونانية إن رئيس الوزراء الليبى البغدادى المحمودى أجرى اتصالا هاتفيا السبت بنظيره اليونانى جيورجوس باباندريو، طلب خلاله توسط اليونان لوقف قصف حلف الناتو، بينما قالت وكالة الأنباء التونسية إن وزير الخارجية الليبى عبدالعاطى العبيدى عبر إلى الحدود التونسية وربما يكون متوجها إلى قبرص لبحث الأزمة لكن السلطات القبرصية لم تؤكد الخبر.
وفى الوقت نفسه، كثف «الناتو» غاراته على قوات القذافى وشمل القصف مناطق فى باب العزيزية معقل الزعيم الليبى فى طرابلس، وشن 6 غارات السبت على سرت مسقط رأس الزعيم الليبى أسفرت، بحسب الحكومة الليبية، عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 18 وتدمير عدد من البيوت.
ووصفت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية الوضع الراهن فى ليبيا بأنه يبعث على الإحباط، ودعت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى عدم الانجرار إلى حرب ثالثة، انطلاقا من أنها تخوض حربين «محبطتين وطويلتى الأمد فى نفس الوقت» فى أفغانستان والعراق، وتساءلت الصحيفة عما يجرى فى ليبيا من جمود على الصعيد العسكرى بين الثوار وقوات القذافى، وعلى مستوى التحركات الدبلوماسية والحلول السياسية، وعزت الصحيفة تلك المواقف إلى أن هوية الثوار ليست معروفة لدى الولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة أن ليبيا ليست حالة طارئة تستدعى تدخل الولايات المتحدة والمجتمع الدولى، وقالت إنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تخوض حروبا ضد جميع الحكام المستبدين الذين يرفعون السلاح فى وجوه شعوبهم. وتطرح الصحيفة حلولاً تتمثل فى الحوار للبحث عن مخرج وفرض عقوبات اقتصادية ودعم الثوار بوسائل غير قتالية لتضييق الخناق على القذافى. وقالت الصحيفة إن بعض الدول لم تقم بجهد يذكر لتجميد أصول بعشرات المليارات وزعتها أسرة القذافى حول العالم، ونقلت عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين قولهم إن القذافى تمكن من استعادة مليارات الدولارات ونقلها إلى طرابلس منذ بدء الاحتجاجات، ما ساعده على التشبث بالسلطة خلال المعارك.
بدورها، قالت صحيفة «لاريبوبليكا» الإيطالية إن القذافى يجلس متحصنا فى مخبئه تحت الأرض فى طرابلس، وهو ما يقلق الغرب إلا أن عامل الوقت يصب فى مصلحة الثوار مع اتساع رقعة الاعتراف الدولى بالمعارضة مقابل تزايد عزلة القذافى الذى لا يملك سوى الاعتماد على جنوده وبعض القبائل الموالية له، التى قد تتخلى عنه إذا اعتبروه مهزوما.