بعد مرور ألف عام من الآن قد يتساءل علماء الآثار لماذا قررت فرنسا بناء برج معدني كبير في وسط باريس، أو جسر بروكلين متسائلين كيف أقيم هذا البناء باستخدام الآلات فقط.
وبنفس الطريقة يظل العالم القديم بالنسبة لعلماء الآثار الجدد يحمل العديد من الأسرار، فتختفي الحضارات ثم بعد ذلك بآلاف السنين يقوم الباحثون بكشف النقاب عن هذه الحضارات لتتكشف أسرار لم نكن نعرفها عنها من قبل.
تضم القائمة التالية خمسة آثار مذهلة لم تتحطم بعد، ولاتزال أسئلة كثيرة تحوم حولها كمن قام ببنائه، ولماذا، وهل يستطيع البشر فعلاً تشيد مثل هذه الأبنية؟
الجزيرة الشرقية
كان المكتشفون الجغرافيون يصفون الجزيرة الشرقية في الماضي بأنها الجزيرة المهملة، حيث أنها لم يكن يوجد بها أشجار ولا زرع، بل كانت مجرد قطعة أرض معشبة صغيرة. لكن هذه الجزيرة المهجورة وُجد بها 1000 مواي "Moai" (وهي تماثيل آدمية متماثلة الشكل ومتراصة بجوار بعضها البعض تزن 86 طن). من يقوم بزيارة هذه الجزيرة سيتساءل كيف استطاع الناس في الماضي القيام برفع ووضع هذه التماثيل الضخمة دون استخدام حبل أو خشب للقيام بذلك؟ وتدريجياً اكتشف العلماء تفاصيل عديدة خاصة بهذه الجزيرة، منها أنه منذ 500 عام كانت هذه الجزيرة عبارة عن جنة استوائية يعيش عليها 20 ألف نسمة. طبقاً لما ورد عند الكاتب "Jared Diamond" أن سكان الجزيرة القدامى هم من قضوا على الغابات بها. فلأن سكان الجزيرة لم يكونوا حريصين على الحفاظ عليها، انقرضت الطيور، ولم يعد هناك أخشاب لصنع الزوارق. لذا أصبح السكان غير قادرين على اصطياد خنزير البحر الذي كان يعد مصدراً رئيسياً لغذائهم. مما اضطرهم نتيجة لذلك أن يأكلون بعضهم بعضاً. إجابة على سؤال لماذا قام سكان هذه الجزيرة بتصميم هذه التماثيل، قال العلماء إنها كانت تماثيل رمزية، حيث أن مجموعة من السكان دخل في سباق مميت مع أحد المنافسين. لكن ما هو مثير للدهشة، كيف استطاع هؤلاء القدامى القيام بذلك ولم يستطيعوا حماية وطنهم.
Teotihuacan
تقع مدينة Teotihuacan بأحد الوديان المكسيكية، وكانت هذه المدينة واحدة من أكبر المدن في العالم القديم عام 600 م. وكان عدد سكانها 200 ألف نسمة، ومساحتها تمتد إلى 2.5 كم. هذه المدينة أو الجادة محاطة بمنصات ضخمة، حوائط جدارية وساحات غائرة، كما يوجد بها هرمان كبيران يقتربان في حجميهما من أهرام مصر. حتى يومنا هذا لا أحد يعرف من الذي قام بتشييد التيوتهاكان أو ماذا عن سكانها الأوائل. لكن العلماء قد توصلوا إلى بعض الأدلة التي تؤكد على النهاية العنيفة التي انتهت إليها هذه المدينة، ففي مرحلة تاريخية ما بدأت المدينة تبني ثقافة الزيادة العسكرية. في وقت ما في القرن السابع الميلادي اندلع صراع وحشي أدى إلى خراب وحرق أجزاء عديدة من المدينة، لتصبح سريعاً مدينة معزولة.
Machu Picchu
لم تكن Machu Picchu مدينة مفقودة، بل كانت بكل بساطة استراحة صيفية لملك إنكا. وقد اكتشفها الفاتحون الإسبانيون. وكشف عن أسرارها المكتشف الأميركي "هيرام بينغهام" عام 1911، لتصبح بعدها من أكثر الأماكن السياحية جذباً في العالم. أكثر شيء مذهل في هذه المدينة أنها بنيت كلها من الأحجار المتشابكة الملساء والمصقولة في بانوراما هائلة تشبه لعبة البازل. يكمن الغموض حول هذه المدينة في قيام القدامى بنقل هذه الأحجار التي يزن الواحد منها 20 طن إلى تلك المنطقة البعيدة ورفعها عبر الجبال شديدة الانحدار. وبمجيء الاحتلال الإسباني إلى هذه المنطقة، قضي على حضارة الإنكا التي كانت تقوم عليها. ولم يبق منها أحد يمدنا بمعلومات عن أسرار هذه الحضارة.
Giant Stone Spheres of Costa Rica
أثناء قيام موظفو شركة "United Fruit" بمسح مزارع الموز في غابة كوستاريكا، اكتشفوا أحجار ضخمة مدفونة بأرض الغابة. وفي الحال أصبحت هذه الأحجار غنيمة انتهى بها الحال لوضعها في ساحات المباني الحكومية والمباني الخاصة بالشركة. إنها نهاية مؤسفة لواحدة من أعظم الكنوز الأثرية. تعود هذه الأحجار المنحوتة إلى بداية عام 600 م، إلى عام 1500م. لم يعثر علماء الآثار على إجابة عن سؤال: ما هو الهدف من وجود هذه الأحجار؟ فلم يترك لنا صانعوها أي شيء مكتوب يكشف لنا سرها، وقد أهلكت حضارتهم على أيدي الاحتلال الإسباني لهم.
The Yonaguni Monument
يقع هذا النصب التذكاري الحجري (الذي تم اكتشافه منذ 20 عاماً فقط) The Yonaguni Monument تحت مياه شواطئ جزر يوناجوني باليابان. وهي مجموعة هائلة من الأبنية الحجرية التي تعد بقايا من حضارة غارقة قديمة. يؤكد عالم الجيولوجيا البحرية الياباني (الذي قام بدراسة هذه الأحجار على مدار 15 عاماً) أن هذه المجموعة من الأحجار هي بقايا مدينة عمرها 5 آلاف سنة، غرقت منذ حوالي ألفي عام إثر زلزال قديم. تأخذ هذه الأحجار شكلاً هرمياً يصل ارتفاعه إلى 25 متراً. ويرى عالم "روبرت شوك" بجامعة بوسطن أن هذه الأحجار ربما تكون خليطاً من الأحجار الطبيعية والمصنوعة بيد الإنسان.