النُّجوم تحكم الكون؛ فهي تولد بصورة عنيفة، وتضمَحِلُّ بانفجارات هائلة، وتملأ الكون بالغُبار النجمي، وتلك هي أحجار البناء للحياة؛ فكل ذرة داخل جسم الإنسان أُنتِجَت داخل الباطن الناري لنجمٍ ما، فمصيرنا مرتبطٌ بمصير النجوم؛ لذلك فالحياة تبدأ من هنا!.
يوجد في الكون أكثر من مائة مليار نجمة، كما يحوي أكثر من مائة مليار مجرة؛ فعدد النجوم يفوق عدد حبيبات الرمل على الأرض، ولكل نجم قدرات عظيمة؛ حيثُ يخلق المواد الأساسية لكل شيء في الكون، بما فيها الكائنات الحية، لكن معظم النجوم بعيدة جداً ولا نعرف عنها سوى القليل، إلا أن هناك نجماً قريباً منا، وقد تعلمنا من ذلك الجار كل ما نعرفه عن النجوم.
فالشمس تُظهِر لنا معالم أقوى جسم في الكون، إنها كرة من غازات فائقة السخونة تضيء نظامنا الشمسي منذ 4.6 مليار سنة، وتتحكم بالحياة على الأرض، وتبعد عنَّا الشمس 62 مليون كيلومتراً، وهذا يعني أن حجمها ضخم بما يسمح لأن تتسع لمليون كوكب بحجم الأرض، حيثُ يتجاوز قطرها المليون كيلومتر.
لكن شمسنا المهولة حجماً هي في واقع الأمر صغيرة مقارنة بالنجوم الكبيرة في الكون، فهناك نجمٌ يُدعَى Rigel، وهو أكبر من شمسنا بخمسة ملايين مرة.. يا للهول!.
وهناك نجمٌ يُطلَق عليه Betelgeuse، وهو أكبر من Rigel المهول بــ 300 مرة.. أي لو أنه احتلَّ مكان شمسنا لبلغ كوكب المشترَى.. يا لطيف!.
ثم يظهر هذا العملاق، والذي يُطلَق عليه VY Canis Majoris، وهو أضخم نجم تم اكتشافه حتى الآن؛ إذ يكبُرُ شمسنا بمليار مرة.. ولا تعليق!.
نجدُ أن بعض النجوم تبقى وحيدة، وبعضها الآخر يتخذ شريكاً ليدور أحدهما حول الآخر، ثم تتجمع لتشكل مجرَّات ضخمة تحتوي على مليارات النجوم، وكل نجم فريد من نوعه، لكنه يُولَد بالطريقة ذاتها على هيئة غيوم غبارية وغازية تُدعَى “سديم”.. يهيم في الفضاء لمسافة مليارات الكيلومترات، ويتخذُ أشكالاً مذهلة مثل “سديم الشعلة”، و”سديم رأس الحصان” و”سديم أوريون”.
سديم الشعلة
سديم الشعلة
سديم رأس الحصان
سديم أوريون
ويُشكِّل كل سديم حضانة للنجوم؛ فتولد ملايين النجوم الجديدة، لكنها ولادة غير مرئية الأجزاء، والأكثر إثارة في السَّديم أنها ليست الغازات المتوهِّجة والجميلة، بل الأجزاء المظلمة، ونجد في الأجزاء المظلمة مناطق من الغاز الكثيف والغبار، وهذا المكان الذي يشهد نشاطاً حقيقياً فيما يتعلق بتشكيل النجوم الغائمة الغبارية الكثيفة للغاية، بحيثُ تعجز التلسكوبات العادية عن اختراقها، فلا شيء أهم من النجوم بالنسبة إلينا، لكن طريقة تشكيلها ظلَّت غامضة لفترة طويلة، فلم نستطِع أن نراقبها، ولم نستطِع أن نرى اللحظات الأولى لولادة نجم حتى العام 2004.
وعندما أطلقت “ناسا” تلسكوب سبيتزر الفضائي للبحث عن الأسرار المجهولة في عملية نشوء الكون، حيث أن سبيتزر تلسكوب للتصوير بالأشعة تحت الحمراء، ولا يرى سوى الحرارة، فيخترق الغبار الكثيف للسَّديم، وتُتَاح لـ”سبيتزر” رؤية النجوم الجديدة عند ولادتها في الداخل، وهذه الصورة المدهشة تُظهِر اللحظات الأولى في حياة النجم.
فنرى المراحل الأولى من تشكُّل النجم، إذ أن كل ما يلزم لتكوين نجم هو الهيدروجين والجاذبية والزمن، حيثُ تسحب الجاذبية الغبار والغاز إلى دوامة عملاقة، وتجمع الجاذبية الأشياء معاً، وعندما تجمع الجاذبية المادة وتضغطها في مساحات صغيرة، فإنها ستسخن حتماً، وهذا قانون بسيط في الكيمياء، حيث أن الانضغاط يولِّد ارتفاعاً في الحرارة على مر مئات آلاف السنين، فتزداد كثافة الغَيْمة، وتشكِّل قرصاً عملاقاً دوَّاراً أكبر من نظامنا الشمسي برمته، وفي وسطها تضغط الجاذبية الغاز لتشكل كرة فائقة الكثافة والحرارة، ويرتفع الضغط إلى أن تنبثق نفاثات غازية ضخمة من الوسط، وهذا ما يدل على حجم العنف في عملية تشكيل النجم، والتي تمتد هذه النفاثات على طول سنوات ضوئية، فتحافظ الجاذبية على الضغط، فتمتص الغازات وجسيمات الغبار التي تتصادم فيما بينها لتولَد، وبالتالي تنشأ المزيد من الحرارة على مدى نصف مليون عام.
هنا يَصغُر حجم النجم اليافع ويزداد سطوعاً وسخونة، حيثُ ستتجاوز الحرارة في باطنه ثمانية ملايين درجة، وعند تلك الحرارة العالية يمكن لذرَّات الغاز أن تبدأ بالالتحام لتطلق كميات هائلة من الطاقة، لم لا وهي ولادة نجم سيسطع لملايين أو مليارات السنين أو ربما آلاف مليارات السنين، حيثُ تُنتِج النجوم كميات كبيرة من الحرارة والضوء على مدى مليارات السنين، لكن ذلك يتطلب كميات ضخمة من الوقود.
وفي أوائل القرن العشرين لم نكن نعرف ماهية ذلك الوقود، فتلك المشكلة الكبرى التي واجهت الفيزياء عند نهاية القرن الماضي، والتي تحدِّد مصدر طاقة النجوم، فما علينا فعله هو النظر إلى السماء؛ لندرك مدى النقص في معرفتنا، فلقد احتجنا إلى اكتشاف سر النجوم، كما احتجنا إلى معرفة المصدر الهائل من الطاقة، ليدفع النجم لمليارات السنين.
وقد اكتشف ذلك أحد الرجال العباقرة ألبرت آينشتاين، والذي أثبتت نظرياته أن النجوم تستمد الطاقة من داخل الذرَّات، وسر النجوم هو معادلة “النسبية” لآينشتاين؛ فالطاقة تساوي الكتلة مضروباً في مربع السرعة الضوئية، بمعنى أن المادة الأساسية التي يتكون منها الجسم البشري هي طاقة مُركَّزة تكثَّفَت في الذرَّات، والتي تصنع هذا الكون، حيثُ يحاول العلم الآن محاكاة مصدر الطاقة في النجم؛ للتحكم في قوة الإندماج الآلية التي تحرك النجم من خلال الجاذبية، وهذا هو سبب حجمها الكبير، فالنجوم ضخمة، ويلزم ذلك القدر من الجاذبية لتضغط النجم، وتُنتِج كمية هائلة من الحرارة تكفي لإشعال انصهار نووي.
وهذا هو سر النجوم، ولهذا تَسْطَع النجوم؛ فالانصهار في باطن النجم يولد قوة تفجيرية تعادل مليار قنبلة نووية كل ثانية.. إذاً فالنجم هو قنبلة هيدروجينية ضخمة، فلِمَ لا يتبدَّد إذاً؟ هذا لأن الجاذبية تضغط الطبقات الخارجية للنجم، فالجاذبية والانصهار يخوضان معركة عظيمة، فهناك شد دائم بين الجاذبية التي تريد أن تسحق النجم، والطاقة التي تطلقها عملية الانصهار، والتي تريد أن تدمر النجم، وهذا الشد، أي عملية التوازن، توَلِّد نجماً يستمر في هذا الصراع على القوة طيلة حياة النجم.
وتلك المعارك بداخل النجم توَلِّد الضوء، لكن معظم النجوم بعيدة للغاية، بحيثُ يصل إلينا نورها بعد مئات أو آلاف أو ملايين أو مليارات السنين، لذا عندما ينظر تلسكوب هابل الفضائي إلى أطراف الكون البعيدة، سيرى الضوء الذي ينتقل منذ مليارات السنين، وهذا الضوء الذي نراه اليوم من النجم Rigel، غادر ذلك النجم عندما زرع أجدادنا الأرض قبل ثمانية آلاف عام، والضوء من Betelgeuse ينتقل منذ أن اكتشف كولومبوس أمريكا قبل 500 عام، وحتى الضوء من شمسنا يستغرق وصوله إلينا ثماني دقائق، لذا أود أن أستشهد بآيٍ من الذِّكر الحكيم: ﴿ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ (الواقعة: 75، 76).
عندما يخمد النجم في لحظاته النهائية يبيد كل ما يحيط به منذ لحظة ولادته، فكل نجم يخمد سينفذ وقوده، ثم ستفوز الجاذبية بالمعركة مع الانصهار، وتطلق سلسلة من الأحداث التي ستدمر النجم.. فشمسنا لا تُشكِّل استثناء؛ فكل ثانية تحرق 544 مليون طن من وقود الهيدروجين في باطنه، وبهذا المعدل سينفذ الهيدروجين بعد 7 مليارات سنة تقريباً، فيما يُستنفَد الهيدروجين، فتبطئ عملية الانصهار في باطن النجم، وهذا يعطي الجاذبية الأفضلية بدفع انصهار أقل نحو الخارج لتسحق الجاذبية النجم، لكن الجاذبية ترد فتسخِّن الطبقات الخارجية للنجم.. وكحالنا عندما نقوم بتسخين غاز فيَنْتَشِر، وهكذا، ستنتشر الشمس إلى الأعلى بدلاً من أن تكون بقُطر مليون ميل كما هي الحال الآن.. ستنتفخ حتى يبلغ قطرها مائة مليون ميل تقريباً، لتصبح شمسنا عملاقاً أحمر.
تصوروا شروق الشمس بعد 7 مليارات سنة ميلادية، ليست مجرد قرص أصفر صغير يرتفع بشكل جميل، بل سترون قرصاً أحمر ضخماً ومنتفخاً يرتفع ببطئ فوق الأفق، وعندما تشرق الشمس بالكامل في السماء ستبعث الحرارة على الأرض حيث ستبلغ آلاف الدرجات.. فالمحيطات ستغلي، والجبال ستذوب، وسنقضي آخر يوم جميل على الأرض، ثم سيغمر النجم المنتفخ الأرض، لكن النجم الأحمر الضخم يدمر نفسه بنفسه، وسيصبح باطنه غير مستقر لدرجة خطيرة.
وبما أنه لا يوجد هيدروجين متبقي لتزويدها بالوقود، فيبدأ النجم بإحراق الهيليوم وصهره بالكربون، فيدمِّر النجم نفسه من الداخل إلى الخارج، فيطلق موجات عنيفة من الطاقة من باطنه إلى سطحه، فتُفجِّر موجات الطاقة هذه الطبقات الخارجية للنجم، ويتحطم بِبُطء، ويخمَد النجم ولا يتبقى إلا باطن كثيف وشديد الحرارة، فالعملاق الأحمر أصبح قزماً أبيض، وعندما يبلغ النجم مرحلة القزم الأبيض تكون عملية الانصهار قد توقفت، فقد توقف المحرك أخيراً وستنهي شمسنا حياتها كقزم أبيض أصغر من الأرض، ولكن أكثف منها بمليون مرة، فالقزم الأبيض شيء مذهل، إنه كثيف للغاية.
إن أخذتم قطعة من القزم الأبيض بحجم مكعب السكر ووضعتموها على سطح الأرض، فستكون كثيفة لدرجة اختراقها السطح، وفي قلب القزم الأبيض يعتقد علماء الفلك بوجود بلُّورة ضخمة من الكربون النقي، فهي ماسة كَوْنية قطرها آلاف الكيلومترات.. يعتقدون بفكرة أن تصبح الشمس كتلة مظلمة وباردة من مادة الرماد، محزنة نوعاً ما، لكنها ستكون ماسة عيار تريليون قيراط، فكروا في ذلك.. ماسة في السماء!.
تعيش النجوم الضخمة حياة سريعة، ونورها ساطع، وتخمد بشدة، لكن الحياة تنبثق من الدمار؛ فخمود النجوم الكبيرة تضع حجر الأساس للكون من بذور الحياة نفسها، فعلى مسافة أقل من 600 سنة ضوئية من الأرض، والذي يوشك النجم الضخم Betelgeuse على الخمود بالمقياس الفضائي على الأقل، حيثُ إنه أحدث من شمسنا؛ إذ يعود إلى ملايين لا مليارات السنين، لكن انصهار باطنه أقوى بكثير، فالنجم Betelgeuseهو مختلف كلياً عن الشمس، حيثُ أنه عملاق أحمر اللون؛ وذلك بسبب أن هذا النجم أكبر من حجم الشمس بكثير، ويعني ذلك أن ما يجري في باطنه مختلف تمام الاختلاف عمَّا يجري في باطن الشمس؛ حيثُ توَلِّد النجوم الكبيرة ضغوطاً وحرارة أكبر من أي مكان آخر في الكون.
فالجاذبية في النجم Betelgeuse قوية لدرجة أنها تستطيع دمج ذرات أكبر فأكبر من باطن النجم الكبير، والمشابه لمصنع يصنع عناصر أثقل فأثقل، وهذا ما يؤدي أيضاً إلى دمار النجم، فما إن يصنع عنصر الحديد حتى يقضي على النجم؛ فالحديد هو أخطر العناصر في الكون؛ إذ يمتص الطاقة منذ اللحظة التي يُنشَأ فيها نجم كبير، وعندما يَصنع النجم عنصر الحديد، ستتبقى له ثوانٍ معدودة ليحيا، ويحاول النجم إلقاء الطاقة في كرة الحديد تلك ويحاول صهرها، لكنه يعجز عن ذلك، وبالتالي تُجرِّد تلك الكرة النجم من الطاقة.
وما إن يبدأ ذلك الحديد يتشكل في الباطن حتى يَكون النجم قد حكم على نفسه بالموت؛ حيثُ المعركة بين الجاذبية التي تحاول سحق النجم، والانصهار الذي يحاول تفجيره، وهي المعركة التي انتهت، فمع الحديد يبلغ الانصهار طريقاً مسدوداً؛ فالجاذبية تفوز دائماً بينما باطن الحديد ينهار، والطبقات الخارجية للنجم تصطدم به فيدوي انفجار هائل، ويُعتبَر أعنف حدث في الكون؛ فخلال بضع ثوانٍ توَلِّد نجوم Supernova طاقة أكبر من شمسنا بعد ثوان معدودة من البدء في صُنع الحديد، وهذه صورة توضح “سديم السرطان” مقترناً بانفجار Supernova.
حيث ينفجر النجم ليصبح Supernova، فالمادة من عُمْق باطن النجم ترسل الموجة الصَّدمية في الفضاء من الحرارة البالغة واضطراب الانفجار، فتتشكل عناصر أثقل، من بينها الذهب والفضة والبلاتين، وبما أن الوقت قصير لتَشَكُّل العناصر، فإنها الأندر والأكبر قيمة في الكون؛ فالذهب والفضة وكل شيء آخر يتشكل جراء انفجار النجم والطاقة الهائلة التي يُطلقها وتأتي إلينا بتلك الطريقة، ولكن حتى بعد أعنف الانفجارات في الكون، يخلِّف ذلك شيئاً وراءه.
ولطالما اعتقد العلماء أنه بعد انفجار Supernova سينفجر النجم إلى أجزاء صغيرة ولن يتبقى منه شيء، إلا أن اعتقادنا هذا خاطئ، حيثُ أن هناك نِتاج من انفجار Supernova من بعض أغرب المواد المعروفة في العِلم، والتي تُدعَى النجم النيتروني.. وهو مادة نووية صلبة ومن أروع حالات المواد في الكون، فلقد أصبح الباطن الكثيف نجماً نيوترونياً، حيثُ يبلغ قطره حوالي 30 كيلومتر، وهو ثقيل جداً لأنه كثيف للغاية، فمجرد سنتيمتر مكعب بحجم مكعب السكر من مادة النجم النيوتروني، تساوي وزن كل السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فالنجم الخامد لا يغادر جثة النجم النيوتروني فحسب، بل يطلق العناصر الجديدة بعيداً في الفضاء.
وتحتوي هذه الغيوم على حجر الأساس للكون، وكل ما نعرفه ونحبه مبني من هذا الغبار النجمي وحده Supernova والذي يملك طاقة تكفي لصهر هذه العناصر الأساسية للحياة، فلا حياة بدون Supernova ولا وجود لكَ ولي؛ فعندما خمدت النجوم وخلَّفت ورائها غباراً أطلقتها نجوم Supernova في الفضاء، حوَّلت هذا الكون إلى غبار نجمي مليء بعناصر كالهيدروجين والكربون والأكسجين والسِّليكون والحديد، وهي المواد الخام لبناء نجوم جديدة وأنظمة شمسية وغيوم، وبالطبع فإن كل ما نراه من حولنا انفجر في الماضي من باطن نجم.
قد نتساءل عن ماهية الغبار النجمي؟ فأنتَ غبار نجمي؛ لأن كل ذرة في جسمك أُنتِجت بداخل الباطن الناري لنجمٍ ما.. فالذرَّات في يدك اليمني قد تأتي من نجم مختلف من الذرَّات الموجودة في يدك اليُسرَى، لكنك وليد نجم بكل معنى الكلمة.
قد نتساءل عن ماهية الغبار النجمي؟ فأنتَ غبار نجمي؛ لأن كل ذرة في جسمك أُنتِجت بداخل الباطن الناري لنجمٍ ما.. فالذرَّات في يدك اليمني قد تأتي من نجم مختلف من الذرَّات الموجودة في يدك اليُسرَى، لكنك وليد نجم بكل معنى الكلمة.
النجوم الخامدة منذ وقت طويل أمَّنَت الغبار النجمي لنشأة نظامنا الشمسي والكواكب وكل ما عليها، فأنت مصنوع من الكربون إذاً ومن الأكسجين، ويسري الحديد في دمك، وتولَّدَت كل تلك الأشياء بداخل باطن نجم، ولا طريقة أخرى للحصول عليها.
عندما تُفكِّرون في مادة النجوم، انظروا مِن حولكم، فكل ما صُنِعتم منه وصُنِع منه العالم، مصدره من باطن نجم انفجر منذ وقت طويل، حتى الذرَّات في شمسنا أُعِيد تدويرها إلى كُتَل قذفتها في الفضاء نجوم خامدة منذ وقت طويل.
عندما تُفكِّرون في مادة النجوم، انظروا مِن حولكم، فكل ما صُنِعتم منه وصُنِع منه العالم، مصدره من باطن نجم انفجر منذ وقت طويل، حتى الذرَّات في شمسنا أُعِيد تدويرها إلى كُتَل قذفتها في الفضاء نجوم خامدة منذ وقت طويل.
شمسنا هي عرَّابتنا؛ فوالدتنا الحقيقية ماتت في انفجار Supernova لتَلِد العناصر التي كوَّنَت جسمنا لنعيش في عصر النجوم، لكنه سيبلغ نهايته؛ فالهيدروجين قليل في الكون وسيُستنفَد بعد تريليونات السنين، وعندما لا يتبقى هيدروجين لن تتشكَّل نجوم جديدة؛ فنحن نعيش في فترة وجيزة جداً في تاريخ الكون، لكن نجومنا مازالت تنير السماء.. نجوماً تخلق الحياة كما نعرفها، لكنها لن تدوم إلى الأبد، سينطفئ وميض النجوم عاجلاً أم آجلاً، فأولاً ستنطفئ النجوم الكبيرة، ثم النجوم المتوسطة الحجم كشمسنا، والتي ستخلِّف الأصغر حجماً، وبعد تريليونات السنين ستَخْفُت بدورها، وسيصبح الكون ببطء بدون رحمة، وأبرد وأكثر ظُلمة حتى ينطفئ النجم الأخير، ويصبح الكون مظلماً، وينتهي بذلك عصر النجوم؛ لنعيش في موسم حياة في الكون إن جاز التعبير يدوم بضعة مليارات السنين، وهذا يجعلني على الأقل أقدر طبيعة الحال الآن؛ لأنها لم تكن ولن تكون هكذا دائماً.. ستستمر النجوم بتشكيل كوننا للوقت الحاضر، ووضع حجر الأساس لعوالم جديدة، وخلق نجوم جديدة وملء الظلام بالنور.
works